أخبار وطنية بقلم محمد المنصف بن مراد: الجثث تتكدّس و«احنا في تقعيد العود»
في انتظار الحرب القادمة مع الارهاب والتي لم تستعد لها الحكومة بما فيه الكفاية، لابدّ من تذكّر أبناء الجيش والأمن والحرس الذين استشهدوا في المدن والجبال، فقد قتلوا غدرا وهم يحملون الأسلحة بأيديهم وحبّهم للوطن في قلوبهم.. لنتذكر أمهاتهم وزوجاتهم وأبناءهم وهم يتحسّرون على رحيلهم بلا أنين ولا بكاء ولا صراخ!
على أرض هذه البلاد يستيقظ كل صباح جنود وأمنيون وحرس من الرجال والنساء، ثم يتوجّهون إلى ساحة القتال وهم يعلمون حقّ العلم انّ ذلك الصباح قد يكون آخر صباح في حياتهم.. هم قلوب أسود مستعدّون لفداء تونس بدمائهم وأرواحهم.. هم رجال ونساء لا يخشون الموت، ومفخرة ودرع لهذا الشعب.. رغم كلّ المخاطر والتهديدات هم ثابتون والإصبع على الزّناد.. قلوبهم حمراء وبيضاء، وكلّما ذهبوا في مهمّة، ردّدوا بإيمان «أشهد ان لا إله الاّ الله وأشهد انّ محمدا رسول الله» تحسّبا لكلّ ما سيحدث بما في ذلك الاستشهاد..
هم أبطال وبطلات.. انّهم أبناء حنبعل وبنات الكاهنة..
وفي الوقت نفسه هناك بارونات التهريب الذين أصبحوا يمتلكون مئات المليارات وعائلاتهم في مأمن من الفقر والخصاصة والبرد.. هؤلاء يسبحون في ملذّات الحياة ويساهمون في اغتيال أبطالنا لأنّ لهم علاقات وطيدة مع الارهابيين ومع أطراف نافذين في الإدارة وأيضا مع بعض الخونة، كما أنّ لهم علاقات صلبة ومتينة مع قيادات حزبيّة فاعلة يقدّمون لها الأموال والسند المادي والبشري خلال الانتخابات. لقد أصبح بارونات التهريب يسيطرون على حدود البلاد لأنّ أصدقاءهم في السلطة يوفّرون لهم الحماية! هم وعائلاتهم وحلفاؤهم يتمتّعون بالأموال القذرة ويساهمون في تخريب البلاد.. جنودنا وأمنيّونا وحرسنا يسقطون في الجبال وهم ينامون ملء جفونهم! بعد عمليات جبانة غادرة.
أما كبار السياسيين فتراهم يحضرون جنازات الشهداء حتى تنقل التلفزة صورهم ثمّ يتبخّرون، ولم يحدث ـ أبدا ـ أن سمعنا أحدهم أدى زيارة لبيت شهيد لمؤازرة عائلته والاستماع الى مشاكلها وتقديم العون لها بما يخفّف عنها مصابها.
من جهة أخرى، يبدو لي انّ أغلب السياسيين غير واعين بالتهديدات الارهابيّة وبالمخاطر على الحدود مع ليبيا لأنّه والى يومنا هذا مازالت هذه الحكومة الضّعيفة جدا مكتفية بردّ الفعل في حين كان عليها أن تعد استراتيجية شاملة لسحق الارهاب، وبعد الانجازات الأمنية التي عقبت مجزرة سوسة فانّ آمالنا معلّقة على وطنية الجيش والأمن والحرس الذين لن يسلموا بلادنا للدواعش والارهابيين الآخرين أو حلفائهم حتى وان كانت الحكومة تفتقر لإرادة فولاذيّة ولمخطّط محكم لاجتثاث هذا الطاعون!
لقد سمعت رئيس الجمهورية يصرّح:«كان أمننا يتوقّع عمليات ارهابيّة ضد السواح انطلاقا من شهر جويلية لكن الارهابيين تحرّكوا في شهر جوان»!! ولا يمكن ان تتصوّروا كم ثارت ثائرتي وأنا أسمع هذا الكلام، والغضب ذاته انتابني وأنا أسمع رئيس الحكومة يصرّح ان لا وجود لأمن مواز! فبأي قيادات سياسية سنخوض الحرب على الارهاب، علما أنّي أكنّ كلّ الودّ للسيد الباجي لكنّي أختلف معه في أغلب مواقفه.. انّ تونس لا يمكن قيادتها بالنوايا الحسنة ولا بالتحالفات المشبوهة ولا بأشخاص وطنيين لكنهم يفتقرون لعنفوان الشّباب وللإرادة التي لا تقهر! فلماذا لم يقع ـ مثلا ـ تحصين أهمّ مدن الجنوب وحفر خنادق حولها وحشد القوات الكافية لحمايتها وذلك مهما كانت قوة العدو الداخلي والخارجي؟ هناك جريمة عدم الاكتراث بالتهديدات الخطيرة وكأن الحرب ستبدأ سنة 2025! استفيقوا أيّها الحكّام الحرب بدأت!
عندما أشاهد كيف تتعامل الطبقة السياسية مع مشاكل تونس الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، أشعر بسخط كبير وحتى بالنقمة لأنه لا يمكن شنّ حرب شاملة على الارهاب بمثل هذه «القيادات»! ويوم تحل الكارثة ـ لا قدر الله ـ فستمتلئ المقابر والطائرات المتجهة الى أوروبا، ولو أنّي على يقين من انّ شعبنا وقياداتنا العسكريّة والأمنية ستجهض كل المؤامرات وستركع المجرمين وتذيقهم الحنظل رغم الخيانات! وأنا لن أفقد الأمل خاصة بعد أن بلغني أنّ مجموعة من نساء تونس تستعدّ لتنظيم صفوفها والضغط جدّيا على الحكومة حتى يستأصل الارهاب من بلادنا.
في الختام، شاهدت مأدبة إفطار في القصبة حضرها سياسيون وممثّلون عن مختلف الديانات، فتساءلت لماذا لم تقم رئاسة الجمهورية مأدبة مماثلة تدعو اليها أفرادا من عائلات الشهداء، فالثابت أنّهم سيجدون في ذلك عزاء، وسيشعرون أنهم محل اهتمام الدولة ورعايتها.
لا حول ولا قوّة الاّ بالله! الجهل السياسي مصيبة، أليس كذلك؟!